"أعمل ٤٥ ساعة أسبوعياً، وزوجتي تعمل ٤٢ ساعة، وكلانا يشعر أننا لا ننجز شيئاً." تمثل هذه الجملة الواقع الجديد في سوق العمل الإسرائيلي، حيث تتقلص فيه الفجوات الجندرية، ولكن التحديات تستمر في النمو والتزايد.
اليوم التاسع عشر من نوفمبر، يوم الرجل العالمي، الذي خصص من أجل تسليط الضوء على أهمية الرجال في الأسرة، للمجتمع، للعالم والعمل، بالإضافة إلى مناقشة التحديات التي يواجهها الرجال. هذه فرصة جيدة للتعرف على أدوارهم المتغيرة في سوق العمل والأسرة.

تُظهر المعطيات نتائج مثيرة للاهتمام: تقلّصت الفجوة في ساعات العمل الأسبوعية بين الرجال والنساء إلى 3.2 ساعات في المتوسط، وهو انخفاض كبير مقارنة بالفجوة التي بلغت 8.5 ساعات قبل عقد من الزمن. اليوم، يشارك 85% من الرجال و78% من النساء في الفئة العمرية من 25 إلى 54 عامًا في سوق العمل (بيانات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)). أما في إسرائيل، فإن متوسط نسبة العاملين في الشركات التي تمثل المجتمع بأكمله هو 66.6% من الرجال و60.2% من النساء. وفي المجتمع العربي، يبلغ متوسط نسبة الرجال العاملين 53.2%، مقابل 29.61% فقط للنساء. أما في المجتمع اليهودي المتدين، فتظهر النتائج تباينًا كبيرًا؛ حيث تبلغ نسبة النساء العاملات 82%، بينما لا تتجاوز نسبة الرجال العاملين 51%.
لكن تكمن خلف هذه الأعداد قصة أكثر تعقيداً. "في كل مرة أغادر عملي باكراً كي آخذ أولادي، أشعر بتلك النظرات"، يقول إيال، مدير تسويق يبلغ من العمر ٤١ عاماً. "لكن عندما تفعل ذلك زوجتي، وهي طبيبة، يكون ذلك مفهوماً ضمناً."ونحن أيضاً في "العمل المتكافئ - עבודה שווה" قمنا بفحص ذلك عبر استطلاعات على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث أجاب بعض الرجال بأنه لا يُسمح لهم بمغادرة العمل باكراً بحجة أن أخذ الأولاد هو مهمة الزوجة، أي أمهم. وهناك من كتب أيضاً: "طلبت من مديري الخروج مبكراً كي آخذ أولادي من الحضانة، فأجابني: لماذا لا تأخذهم زوجتك؟ هل هي مدللة"؟
هذا الشعور يعكس الازدواجية في سوق العمل الحديث - بالرغم من أن الأرقام تعكس التقدم نحو المساواة، إلا أن الوصمات الاجتماعية ما زالت متجذرة بعمق.
في الحملة التي أطلقناها #אבא_בארבע "حملة الأب في الرابعة"، وبالشراكة مع لجنة خدمات الدولة ومنظمات أخرى، تحدثنا عن احتياج الرجال إلى تحقيق التوازن بين الحياة والعمل، وعن الفوائد التي تحققها هذه الخطوة للمنظمات، للرجال، وكذلك لتعزيز المساواة الجندرية في سوق العمل
الإرهاق لا يفرق بين الجنسين. ٧٢٪ من الرجال و ٦٨٪ من النساء يعملون لساعات أطول من ساعات العمل العادية (منظمة الصحة العالمية). لكن تتضح الفروقات في المشاعر – بينما يبلغ ٤٥٪ من الرجال عن شعورهم بفقدان لحظات مهمة مع أبنائهم، فإن ٥٨٪ من النساء يبلغن عن شعور بالذنب في هذا السياق.
تحدث الثورة الأكبر تحديدًا في مجال الأبوة النشطة. "أخذت إجازة ولادة لمدة شهرين، وكان هذا قرارًا غيّر حياتي"، تقول نوعا ديفيد، مديرة مشاريع في مجال الهايتك. انضم إليها زوجها أي لإجازة الولادة، رون، لمدة شهر – كجزء من توجه جديد يُظهر زيادة في عدد الآباء الذين يأخذون إجازة أبوة منذ عام ٢٠٢٠. حاليًا، ٢٨٪ من الأزواج يُبلغون عن تقاسم متساوٍ لمهام المنزل بين الزوجين، وهي معطيات كانت ستبدو خيالية قبل عقد من الزمن.
بالتزامن مع الإعلان عن إصلاح إجازة الأبوة للرجال عام ٢٠٢٠، قدّم التأمين الوطني بيانات تُظهر أن عدد الرجال الذين أخذوا إجازة ولادة على حساب زوجاتهم بلغ ١٢٩٠ في السنتين الأخيرتين، مقارنة بـ١٦٢٠ حالة في عام ٢٠١٩، وهو رقم كان في اتجاه تصاعدي. ويُرجَّح أن ذلك يعود إلى البقاء في إجازة غير مدفوعة الأجر لمدة طويلة.
نسبة الرجال الذين أخذوا إجازة ولادة وتلقوا بدل ولادة على حساب إجازة زوجاتهم انخفضت بنسبة ٢٠٪ خلال سنتي الكورونا، من ١٦٢٠ في عام ٢٠١٩ إلى ١٢٩٠ في عام ٢٠٢١. هذا ما تظهره البيانات التي نشرها التأمين الوطني، على خلفية المبادرة الحكومية لمنح إجازة ولادة مدتها أسبوعان للرجال، بشرط أن تكون بعد إجازة النساء وليس على حسابها.
سرّعت الكورونا تغييرات كانت بالفعل موجودة في الأفق. اليوم، ٦٥٪ من شركات الهايتك، ٤٥٪ من شركات الخدمات، و٣٠٪ من القطاع العام، يقدمون إمكانيات عمل هجينة (جزء من البيت وجزء من المكتب). "هذا ما يغير قواعد اللعبة للجميع،" تقول ميخال، نائبة رئيس الموارد البشرية. "أخيرًا، يستطيع الرجال والنساء إدارة حياتهم المهنية دون الاضطرار للتنازل عن الأسرة.""لكن للأسف، مؤخرًا تغيّر الوضع، حيث عادت العديد من الشركات إلى العمل في المكاتب خلال غالبية أيام الأسبوع."
ماذا يحصل الآن في فترة الحرب؟
كل ما عرفناه سابقًا قد تغير.
العديد من الرجال يخدمون في الاحتياط منذ عدة جولات، وبالإضافة إلى شعور النساء بالقلق تجاه أزواجهن وأقاربهن، يزداد قلقهن بشأن كسب الرزق، والاعتناء بالبيت وبأبنائهن/بناتهن.التوازن قد انهار، وسوق العمل الإسرائيلي يختلف حاليًا عن التحولات التي نراها في العالم الغربي.نأمل أن يتحسن الوضع عند انتهاء هذه الأزمة.
حلول مبتكرة في سوق العمل يتم تطبيقها بالفعل في الشركات المتقدمة: توفر العديد من الشركات الكبيرة ساعات عمل مرنة، وهناك ازدياد في عدد دور الحضانة اليومية في أماكن العمل. وذلك لتشجيع اندماج الأهل في سوق العمل، توفر الدولة دعمًا ماليًا لدور الحضانة اليومية والحضانات الأسرية المعترف بها.
مؤخرًا، في أعقاب "قانون دعم الحضانات"، قدم عضو الكنيست إسرائيل أيخلر من حزب يهدوت هتوراه وأعضاء كنيست آخرون اقتراحًا لتعديل المعايير لقبول الأطفال في الحضانات اليومية والحضانات الأسرية الخاضعة للإشراف. سيعتمد معيار الدعم، وفقًا للقانون، على حالة عمل الأم فقط، دون الأخذ بعين الاعتبار عمل الرجل.
التوقعات لعام ٢٠٢٥ متفائلة، لكن الأمر يعتمد على من تسأل.
نأمل ذلك: من المتوقع أن تقدم العديد من المنظمات خيارات عمل هجينة. هل من المتوقع أن يزداد بشكل ملحوظ عدد الآباء الذين يأخذون إجازة ولادة؟ وتتقلص فجوة الأجور بين الجنسين؟الأيام كفيلة بالإجابة.
نحن في خضم تغيير ثقافي عميق. الجيل الشاب لم يعد يتقبل الفصل التقليدي بين الحياة المهنية والأسرة. يطالبون – ويحصلون – بحقهم في حياة متكاملة في كلا الجانبين.نأمل أن تكون القوة الدافعة من الأسفل، من العاملين والعاملات الذين ينضمون إلى سوق العمل ليغيروه للأفضل.
يوڤال، الذي افتتح المقال، يتأمل: "عندما بدأت أعمل، كان مفهوم 'موازنة الحياة والعمل' يبدو كأنه حلم بعيد. واليوم لا يُسأل 'هل' بل 'كيف'. ربما في جيلنا لن نتوصل إلى التوازن المثالي، لكننا بالطبع نمهد الطريق لأبنائنا."
الكاتبة: ميخال متس-لِتْمَنُوبِيتْش - المديرة التنفيذية لـ'العمل المتساوي (עבודה שווה)״.
*للمزيد من المقالات حول سوق العمل والمساواة الجندرية تستطيعون القراءة هنا
#موازنةـحياةـ عمل #مساواةـجندريةـفي العمل #اجازةـولادةـللرجال #ارهاق-بالعمل
Comments