top of page
بحث

ازمة الرعاية الجديدة: الثمن الباهظ الذي تدفعه الأمهات العاملات في أوقات الطوارئ

الساعة الثامنة صباحًا، تجلس رونيت أمام الحاسوب في منزلها الواقع في الشمال. لم يتم إخلاء البلدة، لكن صفارات الإنذار تدوي بين الحين والآخر. في الخلفية، تتابع ابنتها ذات الست سنوات درسًا عبر الزوم، بينما يلعب ابنها ذو السنتين على السجادة، وقد بدأت تظهر عليه علامات التعب. زوجها مجند في الخدمة الاحتياطية منذ شهور طويلة، يزورهم لفترات قصيرة، وهو مرهق وفاقد للصبر. "أشعر وكأنني أمزق إلى ألف قطعة"، تقول. "عليّ أن أكون أمًا بدوام كامل وعاملة بدوام كامل - في الوقت نفسه". قصة رونيت تمثل قصة آلاف النساء في إسرائيل اللواتي يواجهن واقعًا مستحيلًا منذ اندلاع الحرب.




إغلاق مرافق التعليم في مناطق القتال، والخوف من الذهاب إلى أماكن العمل بسبب كثرة صفارات الإنذار ونقص الملاجئ، أدى إلى أزمة غير مسبوقة للعديد من العائلات، وخاصة الأمهات العاملات. على الرغم من أننا واجهنا إغلاقات مؤقتة خلال فترة كورونا، حيث كان كلا الزوجين متواجدين في المنزل، إلا أن الوضع الحالي مستمر دون أي تاريخ واضح لنهايته. تم إغلاق العديد من المرافق أو الانتقال إلى التعليم عن بعد، مما جعل الوالدين، وخاصة الأمهات، يتحملن عبء سد الفجوة التي نشأت.


التحدي الثلاثي: تعليم، رعاية ومعيشة

فرضت الأزمة الجديدة على العديد من النساء تحديًا ثلاثيًا. أُغلقت العديد من رياض الأطفال والمدارس أو تعمل بشكل جزئي، بالإضافة إلى الحضانات التي لا يمكنها العمل بسبب نقص الأماكن المحمية، مما خلق فراغًا تضطر الأمهات إلى ملئه. كما أن إيقاف الدورات والأنشطة الثقافية ترك الأطفال دون أطر داعمة. وصعوبة إيجاد حلول بديلة وآمنة جعلت المهمة شبه مستحيلة.


الضغط اليومي الذي تعانيه الأمهات هائل. يُطلب منهن العمل عن بُعد بالتوازي مع رعاية الأطفال، المساعدة في التعليم عن بُعد، مواجهة حالات الهلع لدى الأطفال (وأيضًا لدى أنفسهن)، وإدارة شؤون المنزل دون أي دعم خارجي. كل هذا، مع الاهتمام بالاحتياجات العاطفية المتزايدة للعائلة خلال فترة الطوارئ.


العواقب على المدى البعيد:

تأثر توظيف النساء خلال هذه الفترة بشكل كبير. فقد اضطرت العديد من النساء إلى تقليص ساعات عملهن أو حتى الاستقالة، مما أدى إلى انخفاض ملحوظ في دخل الأسرة. إلى جانب هذا التأثير الفوري، هناك مخاوف جدية بشأن فقدان فرص التقدم المهني والتميّز في سوق العمل مستقبلًا.


العواقب النفسية لا تقل خطورة. أصبح الإرهاق والتعب جزءًا لا يتجزأ من الروتين اليومي، يرافقهما شعور دائم بالذنب، سواء تجاه الأطفال أو تجاه العمل. كما أن القلق الاقتصادي، إلى جانب الوحدة والعزلة الاجتماعية، يؤدي إلى ضغط نفسي شديد، مما يجعل الحفاظ على توازن الحياة والعمل تحديًا يوميًا مرهقًا.


على المدى البعيد، قد تكون العواقب وخيمة على المساواة الجندرية في سوق العمل. فجوات الأجور، التي تُعد اليوم تحديًا كبيرًا بالفعل، قد تتسع أكثر. التأثير على الاقتطاعات التقاعدية سيؤثر سلبًا على الرفاهية الاقتصادية للنساء في سن التقاعد، كما أن التراجع في المساواة الجندرية في سوق العمل قد ينعكس أيضًا على الجيل القادم.


التعامل مع التحديات : من الفرد الى النظام.

على المستوى الحكومي، هناك حاجة ملحّة لإقامة أطر طوارئ تتناسب مع الوضع الأمني. تمويل حضانات الأطفال وتوفير حلول رعاية بديلة، بالإضافة إلى تقديم منح لأصحاب العمل لتعزيز مرونة العمل، يمكن أن يشكل استجابة فورية للأزمة. كما أن توسيع حقوق الوالدين العاملين خلال أوقات الطوارئ يُعد خطوة أساسية إضافية.


يُطلب من أصحاب العمل أيضًا أن يُلائموا أنفسهم مع الواقع الجديد. تُعد سياسة العمل المرنة، مراعاة احتياجات الأهل، والتدريب على العمل الهجين خطوات ضرورية. كما أن دعم تكاليف العمل من المنزل يمكن أن يُخفف من العبء الاقتصادي المتزايد.


على المستوى العائلي تفرض الأزمة إعادة النظر في تقسيم المسؤوليات بين الزوجين. يُمكن أن يُساهم بناء شبكات دعم مجتمعية والاستخدام الذكي للتكنولوجيا في تبسيط العمل من المنزل، مما يساعد في التكيف مع التحديات اليومية.


نظرة إلى المستقبل:

تشكل الأزمة الحالية نقطة تحول محتملة في إدراك المسؤولية تجاه رعاية الأطفال في المجتمع الإسرائيلي. تمثل هذه فرصة لإنشاء نماذج جديدة لدمج العمل مع الحياة العائلية، مما يدعم الأهالي العاملين حتى عند العودة إلى الروتين الطبيعي.


يتطلب الوضع تشريعًا شاملاً يحمي حقوق الوالدين العاملين في أوقات الطوارئ، إلى جانب تخصيص ميزانية موجهة لأطر الرعاية البديلة. كما ينبغي خلق حوافز لأصحاب العمل الذين يدعمون العائلات العاملة، والاستثمار في البنية التحتية التكنولوجية للعمل والتعلم عن بُعد، وتطوير نظام دعم نفسي واجتماعي للأسر - فكل هذه خطوات أساسية لبناء مجتمع أكثر صلابة وحصانة.


التحديات التي كشفتها أزمة الرعاية الحالية تفرض علينا العمل - ليس فقط لصالح النساء العاملات اليوم، بل من أجل مستقبل أكثر مساواة لنا جميعًا.

 
 

Comments


  • YouTube
  • לינקדין
  • פייסבוק
  • Instagram

بيان إمكانية الوصول| جميع الحقوق محفوظة لموقع العمل المتكافئ ( شركة ذات منفعة عامة)|  بناء وتصميم الموقع

bottom of page